زيد الحلي
دخلتُ مبنى هيئة الحج والعمرة ظهر الثلاثاء المنصرم ، مع عدد من الاعلاميين والفنانين ، وانا على يقين انني سأستمع الى شروحات عن حملات الحج والعمرة التي تقوم به الهيئة بنجاح لافت للنظر ، استحقت بموجبه الحصول على جائزة ” لبيتم ” للعام الثاني على التوالي كأفضل بعثة حج بين بعثات الدول الاسلامية… لكن يبدو ان المفاجأة التي كانت بانتظارنا اكبر من ذلك ، وتمثلت بالأفكار والرؤى التي يحملها رئيس الهيئة العليا للحج والعمرة الشيخ سامي المسعودي ، ونظرته الى آفاق عمل الهيئة ، فالشيخ المسعودي لا يريدها مجرد هيئة تعمل بروتين التفويج والعمرة فقط ، انما هيئة اشراف حقيقي وخدمات للحجاج والمعتمرين ، تتناسب والعمق التاريخي للعراق ، فخدمة المواطن شرف ومسؤولية وطنية عالية الشأن ..
ما اكتنزته ذاكرتي من زيارتي ، وهي ضمن وفد كبير مثلته مؤسسة ” خطى ” برئاسة الاعلامي الكفء د. علاء الحطاب ، لتقديم التهاني للهيئة بحصولها على الجائزة الاسلامية الكبرى ” لبيتم ” .. اقول ان ما اكتنزته الذاكرة ، هو مساحة الاستقبال البهي الذي حظي به الوفد ، وحديث الشيخ المسعودي .. حيث كان حديثه ، بعيدا عن المألوف الذي كنا نتوقعه ، فطاف بنا نحو فضاءات فكرية وودية عميقة في معانيها وآفاقها ؛ وفيها من الرقي الشيء الكثير ، منها : ان حال الدنيا لا يرسو على صورة محددة ، فهي في كل يوم على حال جديد .. فيها الغث ، وفيها السمين، وفيها الحكيم، وفيها الجاهل ، وفيها من كل لون وثمر.. ومن ثنايا كلامه ، استشعرت ان ضريبة النجاح في عطائه وعمله شاسعة المدى ، ولاسيما في محيط ذوي العقول الصغيرة ، لذلك رأيته يؤكد ؛ ان المرء ربما يواجه أحياناً صعوبات في حياته اليومية ، سواء كانت هذه الصعوبات في مجال العمل وغير العمل ، لكن عليه في نهاية المطاف ان يكون قادرا على تخطيها حتى لو كلف ذلك وقتا أو جهدا أو نصيبا من المشقة والعناء ..
لقد رأيت الشيخ المسعودي ، شاب ، في عقلية رجل كبير بحكمته ، ورؤاه ، متواضع ، جميل المحيا ، بعيد عن التكبر والترفع ، فالانشغال بصغائر الأمور كما قال في حديثه السهل الممتنع ، يهدر الطاقات ويضيع الأوقات ويذهب الجهود وينقص هيبة المسؤولية .
واشاطر الشيخ سامي المسعودي ، رؤيته الحياتية المهمة ، لكني اقول ايضا ؛ ان هناك بعض الاشخاص حين يكبر بهم العمر، نرى تفكيرهم باقيا على حاله، حيث تكبر ابدانهم، وينكمش تفكيرهم ، فإذا نطقوا أوجعوا السامعين، وإذا همسوا أصمّوا الحاضرين ، وصدق سيد البلغاء الامام علي “ع” بقوله المعروف ( لا تقاس العقول بالأعمار؛ فكم من صغير عقله بارع ؛ وكم من كبيرٍ ، عقله فارغ )..
في الختام ، سعدتُ مع زملائي اعضاء وفد مؤسسة ” خطى ” ونحن نغادر مبنى هيئة الحج والعمرة ، بتوديع يليق بقامات الوفد ، حيث اصر الشيخ الجليل المسعودي ان يرافقنا الى الباب الرئيس بعد التقاط صور معه ، توثيقا لزيارة لن تبارح الوجدان .