الفريق ق.خ الحقوقي/ رشيد فليح
كنت واثقا ان سماحة السيد مقتدى الصدر سيفعلها في ثاني اكبر امتحان سياسي واختبار رباني يمر به سياق التجربة الوطنية العراقية ابان ما جرى في الخضراء قبل سنة من الان وكيف حقن الصدر دماء العراقيين وفقأ عين الفتنة وفوت الفرصة على خصوم الديمقراطية في بلادنا وترفع عن التفاصيل وكان ماكان من امر الانسحاب المذهل والطاعة الواعية للاتباع !.
اليوم يتوهج الخطاب الصدري عن قرار وطني شجاع وإنتاج معادلة صدرية عراقية تقوم على ترحيل المقاطعة على اكتاف احترام صناديق الاقتراع وان كان في العين قذى وفي الحلق شجى حيث ينأى صاحب المشروع العلوي الإصلاحي عن فتنة إراقة الدم الشيعي مرة ثالثة ويبعد اتباعه عن أجواء المعركة الخاسرة ويأسر القلوب بالنأي عن الدم واحترام إرادة الخصوم والبقاء في متاريس الحالة العلوية التي من ملامحها الصبر على المكروه السياسي مع القتال من اجل بقاء الدولة وتحمل المسؤولية التاريخية في حماية الوطن وعدم الذهاب الى المجهول !.
مافعله علي “ع” انه احترم صوت الغالبية من البيت القرشي في السقيفة وهي مؤتمر سياسي غاب عنه علي ثم ذهب يبايع المصالح العليا للامة ويقاتل دفاعا عن حياض الإسلام ويقف مع المحرومين في اكبر عملية اصطفاف الى جانب مفهوم العدالة الاجتماعية في الاسلام .
من هنا أقول.. اذا كان الامام علي “ع” اشتغل على ظاهرة الفقيه المثقف فجمع القران وخرج لبيعة المصالح لا لبيعة الأشخاص فان مقتدى الصدر يكررها بعد 14 قرنا ونيف بمثال البيعة للمصالح وترك الخلافة المحلية لغيره .
هذا هو المعنى من التغريدة التي اطلقها السيد قبل خمسة أيام على موعد الانتخابات المحلية في ظل تنافس محموم على المقاعد وصراع كبير على من يتولى إدارة المحافظات بعد مرور خمسة أعوام على حل المجالس السابقة نتيجة حراك تشرين وانقلاباته السياسية العاصفة .
شكرا مقتدى الصدر لانك جنبت الطائفة شرور سجالات لو استمرت لاطاحت بالحد الأدنى من الاستقرار السياسي والأمني القائم شكرا مقتدى الصدر لانك ذكرتنا بالسيرة العلوية العطرة وكيف يقبل علي التجريح على ان تستمر مسيرة الجراحات تدمي جسد الامة وتقرح عيون الأمهات اللواتي ينتظرون عودة اولادهن في المدينة والشعلة وحي طارق والحسينية بعد موجة من التظاهرات العارمة وحرق صور المرشحين ومهاجمة مكاتب الأحزاب السياسية الأخرى !!.
شكرا مقتدى الصدر لانك لازلت تحتكم لعلي في السلوك السياسي وفي الخلاف على مصالح العراقيين واستثمار عنوان المذهب ولولا هذه الحمية التي نراها في عينيك ونقراها في خطابك ونشاهدها في منائر عمامة النبوة على راسك الذي اشتعل شيبا مثلما اشتعل راس علي وكانت النتيجة تراجع المقاطعة لصالح المشاركة وهاهو عمر بن الخطاب يعلنها صريحة مدوية في مسجد رسول الله “لولا علي لهلك عمر” أي لولا وجود علي بعد المقاطعة التي انتجت مشاركة في إدارة الدولة ما كانت هنالك خلافة ولم يكن هنالك مستخلف !!.
علي أسس نوعا اخر من المقاطعة هي الصبر على المشروع المخلص والبيعة للمصالح وليس الصدام المسلح !!.
شكرا سماحة السيد لانك تدرك في العمق ان العراق الذي إراده الصدران رافدا عزيزا للخير والامن والاستقرار لن يستقر الا باستقرار المعادلة الوطنية بأكثريتها الشيعية ومكونها الوطني السني ولن تنهار امة بوجود رؤية في المشاركة وربما انهارت امبراطوريات عظمى وسادت المقاطعة وأصبحت الإمبراطورية الواحدة مقاطعات تعبث فيها الاثنيات القومية وتسودها المذابح العرقية وتنثرها في مهب الريح الانقسامات الاجتماعية والسياسية الشرسة.
ولانك قارئ مجيد للتاريخ ولكي لاتتكرر انهيارات الامبراطوريات العظمى والدول الوطنية وانشطاراتها الحزبية والسياسية ومااكثرها في عالمنا العربي كان خطابك الوطني الذي أعاد تعريف المقاطعة على أساس علوي وابان عن نفسه في تحليله للتاريخ يوم اطفأ علي فتنة السقيفة بالمشاركة واوقد في بيوت المدينة قنديل البيعة للمصالح الإسلامية العليا ليبقى علي اية التكوين الأول للامة الحية وسفر الخلود المحفور على جدران الزمن المرعوب .
سيبقى موقفك اليوم قبل خمسة أيام على انتخابات مجالس المحافظات التي اعترضت على شكلها ونصها ومحتواها وناتجها معلما بارزا من معالم الديمقراطية وكيف يقبل صاحب الأكثرية العددية من المقاعد النيابية الاحق في تشكيل الحكومة ان يكون خارج السياق الانتخابي وهو المدرك ان الامة ستعود اليه اذا ما تلكأ الأداء واضطرب المركب ومادت الأرض بالفائزين الجدد!.
شكرا مقتدى الصدر ..لانك المبتدأ والخبر / المقاطع والمشارك / الذي نختلف معه ونغادره ثم نعود اليه !.
هذه هي ديمقراطيتنا العراقية التي تضرب بجذورها في أعماق التربة العلوية وتنهض شامخة من جديد فوق ضريح علي وحسينية متواضعة في الحنانة يقيم فيها الفتى العلوي الرشيد.
شكرا مقتدى الصدر لانك اخرست الف صوت كاد ان يتحول الف صوط يلهب ظهور الاغلبية المحرومة لو انك حولت المقاطعة الى قنبلة في صناديق الاقتراع.
ميزتك كقائد انك تحول المستحيل الى ممكن واصابع الديناميت التي اخفاها اعداء العراق خلف مقاطعتك ونفخوا في صورها علها تتفجر في وجوه اهليك وناسك الى.. اصابع حلوى!.
لهذا اقول.. لن تتحول المقاطعة في الفكر السياسي الشيعي الى منصة لاسقاط التجربة وادواتها الديموقراطية بل هي منصة من اجل التصويب وتسديد العيوب.