بقلم أياد السماوي
أثار مقالنا ليوم أمس ( رأي قانوني في مشروع تعديل قانون المحكمة الاتحادية العليا ) ، جدلا سياسيا وقانونيا واسعا ، حيث اعتبر كبار السياسيين وخبراء القانون والدستور في البلد هذا المقال بمثابة القبر الذي دفن فيه مشروع تعديل قانون المحكمة الاتحادية الذي تسرّبت منه نسخة ، فبحسب هذه النسخة المسرّبة فإنها تهدف إلى تجريد المحكمة الاتحادية العليا من سلطاتها الدستورية التي منحها لها الدستور العراقي ، بل وتجريدها من أهم سلطة لها في كون قراراتها باتة وملزمة للسلطات كافة ، أي ملزمة وباتة على السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية على حدٍ سواء .. فلا يمكن للمحكمة الاتحادية العليا وبموجب مواد الدستور ( ٨٩ ، ٩٢ ، ٩٣ ، ٩٤ )وقانون مجلس القضاء الأعلى رقم ( ٤٥ ) لسنة ٢٠١٧ أن تكون خاضعة في قراراتها لأيّ سلطة من السلطات الثلاث ..
والذي جعل من المحكمة الاتحادية العليا سلطة فوق السلطات ، هو الدستور العراقي الذي هو القانون الأسمى والأعلى في العراق ، فالدستور في المادتين ( ٩٣ ، ٩٤ ) قد رسم صلاحيات وسلطة هذه المحكمة ، والدستور هو الذي منح هذه المحكمة هذه العلوية في القرارات ، وبحسب خبراء وفقهاء الدستور ، فإنّ قرارات هذه المحكمة تحمل نفس علوية الدستور العراقي ، وهذه العلوية لا تنفرد بها المحكمة الاتحادية العليا في العراق فحسب ، بل هي صفة عامة تتمتع بها كلّ المحاكم الدستورية في العالم ، وليس العراق استثناءً من هذه الصفة ، أي أنّها صاحبة القول الفصل بتوافق أيّ قرار أو مرسوم أو قانون أو حكم قضائي مع الدستور العراقي الذي هو القانون الأعلى في البلد والذي لا يجوز مخالفته أبدا ..
فإذا كانت هذه مكانة المحكمة الاتحادية في الدستور العراقي ، فلماذا هذه المشاريع التي تسعى لتجريدها من صلاحياتها الدستورية ؟ ومن هي بالضبط الجهة التي تريد تجريد هذه المحكمة من صلاحياتها الدستورية ومن كونها سلطة فوق السلطات ؟ ولماذا ؟؟؟ وهل لقرارات هذه المحكمة التاريخية وخصوصا قرارها الأخير ( ٩ / اتحادية / ٢٠٢٣ ) صلة بمشروع تعديل قانون المحكمة الاتحادية المخالف كليّا للدستور والقانون ؟ ، أم هي الإرادة الأمريكية والإقليمية بنزع المخالب الدستورية لهذه المحكمة ؟ وهل حقا أنّ رئاستي الجمهورية والوزراء هي من يقف وراء هذه المشروع المشبوه ؟؟