كل الأخبار / متابعة
شهدت انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، ظهور عدد من الأحزاب التي اكتسحت النتائج في محافظاتها كخيار بديل عن الأحزاب التقليدية في الساحة السياسية، وفيما يرى مراقبون أن هذه الأحزاب جزء من “عباءة الأحزاب التقليدية”، ولا علاقة لها باحزاب “تشرين” التي “اندثرت بسرعة البرق بسبب سوء التنظيم”، يؤكد اخرون أن هذه الأحزاب “لا حظوظ لها” وسط اتفاق الكتل الكبيرة التي ستطبق عليها ما جرى في الانتخابات النيابية الاخيرة، بأبعاد التيار الصدري.

وحصلت تحالفات “تصميم” في البصرة، و”واسط أجمل” في واسط، و”ابداع كربلاء” على الرقم الأول في محافظاتهم بعدد مقاعد مجالس المحافظة، فيما جاءت خلفهم كتل تحالف “نبني” بزعامة هادي العامري، و”دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، كمنافسين للحصول على مناصب عليا في تلك المحافظات.
صعود سريع واندثار
ويقول المحلل المختص بالشؤون السياسية، قاسم الربيعي، ان “احداث تشرين العام 2019 مثلت ولادة لفكرة تتمحور حول توفير البديل السياسي عن الأحزاب التقليدية التي تستحوذ على السلطة منذ العام 2003 ولغاية 2019 فكان التوجه الجماهيري الواسع باتجاه فكرة هذا البديل، والالتفاف حوله”.
ويضيف الربيعي “بعد انتخابات 2021، اصبح واضحا ان هناك توجهاً جماهيرياً واسعاً باتجاه الأحزاب السياسية البديلة، ثم ما لبث أن عادت بادراجها للخلف، حيث لم تستطع أن تنافس الأحزاب التقليدية التي عادت لتتصدر الواجهة، وبالتالي تشكيل الحكومات المحلية مستقبلاً”.
ويرى الربيعي، ان “الأسباب التي أدت إلى تراجع أحزاب تشرين التي حققت أرقاما مرعبة في انتخابات العام 2021 عديدة، ويمكن احصائها بسببين رئيسين، هما: سوء التنظيم وفقا لصياغات مؤسساتية واضحة، إذ أن أغلبها كانت عبارة عن تشكيلات مثلت ردة فعل على ما موجود من أحزاب تقليدية، حيث اتجهت بذات الاتجاه مما أدى إلى تغيير بوصلة الناخبين والعودة الى القديم”، مردفا بالقول إن “السبب الثاني تمثل بأن الأحزاب الحديثة تعرضت للتشظي والتشتت، واصبحت تشكيلات عديدة في حين أن الناس في البلد كانوا يتأملون فيها بديلاً ناجحاً يُلبى طموح الجماهير، إذ بعد تعدد حركاتها تنافرت فيما بينها، وفي بعض الأحيان متعادية قياداتها فيما بينها ايضاً، حتى باتت ذات طموح شخصي”.
وأضاف أن “هذه الأسباب يضاف لها ان بعض الحركات الجديدة فشلت بسبب التلوث بملف الفساد، وأصبح هناك منهم ممن ينعتون بالمبتزين وقسم منهم المستهدفون، فيما دخل جزء كبير من الذين تم احتسابهم على التغيير في أروقة الأحزاب التقليدية، وهو ما اعتبر انتكاسة كبيرة لأفراد المجتمع الراغبين بالتغيير”، منوها الى ان” كل هذه الأسباب أدت لانهيار الأحزاب الناشئة وعزوف المجتمع عن دعمها وحصول بعضها على مقاعد فردية هنا وهناك في الانتخابات المحلية الاخيرة، بعكس ما شهدناه في الانتخابات النيابية العام 2021 “.
لا توجد أحزاب
يذهب المحلل السياسي، صلاح الموسوي، بالقول “لا يوجد لدينا أحزاب سواء تقليدية او جديدة وانما لدينا ايدلوجيات دينية وتسير وفق الخط الجمعي، وهي الآن بوابات نفعية، فالجميع يسير بهذا الاتجاه القديم والجديد، كما حصل في الانتخابات المحلية الاخيرة من خلال استخدام بطاقات الرعاية الاجتماعية كسب أصوات المجتمع”.

ويضيف الموسوي ، وبالمقابل الذي ظهر من تشرين لم تكن أحزابا، لأن الحزب بحاجة لقادة وأسس وعمل كبير وقواعد رصينة، والذي ظهر انما ردة فعل او هبة، وكانت تحمل ذات فكر الأحزاب التقليدية، وربما أدنى منه “.
ويوضح، أن “ما حصل في انتخابات المجالس المحلية الاخيرة من قهر الأحزاب التقليدية في بعض المحافظات على أحزاب مثلّها المحافظون، وهم أصحاب سلطات محدودة وغير واسعة مثلهم، دليل على أن هذه الأحزاب ليست أحزاب قاهرة ولا يمكن هزيمتها”.

وينوه الموسوي، إلى ان “وضع ذي قار يختلف عن الجميع، فهي مدينة غير طبيعية فالجميع له موضع قدم في المحافظة ويسعى للاستحواذ عليها، ونتيجة هذه الضغوط التي تعرضت لها فهي اصبحت مدينة متنفس لجميع الثوار، بخلاف المدن المتبقية الآخرى مثل البصرة وواسط وميسان وكربلاء والنجف، فهي مدن دولية وحدودية واقتصادية لذلك نرى الجميع ينتبه لهذه المدن بخلاف ذي قار التي تحولت ساحة لتصفية الحسابات بين القادة السياسيين أنفسهم”.
لعبة الكبار
بدوره يرى المحلل السياسي، أثير الشرع، بأن “الانتخابات كما معروف عنها بأنها لعبة الكبار، أي أن التوافق والمحاصصة، لابد منهما في هذا المجال، حيث أن الفائز عليه الدخول بمجال التوافق لو التحالف مع الطرف الآخر، لتكوين التحالف الأكبر من اجل ادارة العمل”.
ويقول الشرع اننا “لا نعتقد بأن من حاز على المرتبة الأولى سواء في البصرة او واسط أو كربلاء، قادر على مواجهة مد الأطراف الأخرى وسيكون له حظوظ في اختيار المحافظين المقبلين داخل محافظاتهم”، متوقعاً أن “تقوم تحالفات الكتل الكبيرة مثل: دولة القانون، ونبني، وقوى الدولة، بالتحالفات أو الكتل الصاعدة في مهب الريح على غرار ما حصل في الدورات السابقة”.