كل الاخبار / متابعة
تتصاعد التحذيرات من تحوّل العراق إلى بؤرة للصراعات الإقليمية والدولية التي تزداد وتيرتها بشكل كبير في المنطقة، وسط دعوات بضرورة بلورة مشروع لإنقاذ البلاد التي باتت مسرحاً لتصفية الحسابات بين الدول، وفق متخصصين.

ويحاول العراق عن طريق الحكومة الاتحادية النأي بالنفس عن الصراعات في المنطقة لاسيما وأنه يدرك أن هذه الصراعات مرشحة لتطورات كبيرة، قد تؤثر بشكل مباشر على الوضع في العراق، بحسب المحلل السياسي، ياسين عزيز.
تحذيرات من جرّ العراق إلى مستنقع الصراعات
ويضيف عزيز، أن “وجود أطراف لا تقدر الوضع الخطير ولا تلتزم بالنهج الرسمي للعراق، حتماً سيؤثر سلباً على الموقف الذي يجرّ العراق إلى مستنقع تلك الصراعات”.
ويوضح أن “الفاعل السياسي المتنفذ في البلاد يقع تحت تأثير أطراف إقليمية ودولية تحاول تصفية حساباتها على الأرض العراقية التي أصبحت مسرحاً لتصفية تلك الحسابات”.
ويؤكد، أن “على رئيس الوزراء العراقي التحرك بجدية لإيقاف جر العراق ليكون طرفاً في هذه الصراعات، وإلا فإن القادم لن يكون جيداً”.
العراق يدفع ثمن الصراعات الدولية
ويتفق مع هذا الطرح مدير مركز الرفد للإعلام والدراسات الاستراتيجية، د.عباس الجبوري، الذي يؤكد أن “العراق دائماً ما ينأى بنفسه عن سياسة المحاور، وهو اليوم يدفع ثمن الصراعات السياسية الدولية وليست الدول المحيطة بالعراق”.
ويبين الجبوري، أن “الاعتداءات الأميركية الأخيرة على قطعات الحشد الشعبي وضرب المدن، دليل على أن العراق يتعرض إلى وضع غير جيد تجاه ما يدور بمحيطه الإقليمي”.
وعن التوترات في المنطقة، يوضح الجبوري، أن “العراق جزءاً لا يتجزأ من ما موجود في المنطقة، باعتباره دولة مفصلية واستراتيجية وفيها الكثير من المصالح المشتركة لدى الدول، وحتى للدول المتخاصمة، لذلك على العراق أن يتخذ قراره بنفسه بعيداً عن الضغوطات والاحتلالات”.
ويتابع الجبوري حديثه، أن “التواجد الأميركي يسبب مشاكل للعراق، خاصة بعد الضربة الأخيرة التي أحرجت الحكومة العراقية كثيراً، ما يؤكد الحاجة إلى ضرورة إعادة بناء العراق لنفسه وإخراج هويته الحقيقية، وأن يكون له دور مؤثر في الشرق الأوسط، لا نقطة ضعف للصراعات الدولية الجارية في المنطقة”.
سلوكيات الفصائل المسلحة
من جهته يشير أستاذ العلوم السياسية، د.معتز النجم، إلى أن “الموقف العراقي المتمثل بالحكومة حُيّد بسبب سلوكيات الفصائل المسلحة التي خطفت القرار والإرادة الحكومية وكسرت الهدنة التي استمرت منذ استلام محمد شياع السوداني سدة الحكم”.
ويوضح النجم، أن “المتغير الذي حصل وكسر الهدنة هو عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر والتي ألقت بظلالها على طبيعة العلاقة وخلقت الإشكالية والشرخ ما بين الولايات المتحدة الأميركية والفصائل”.
ويؤكد، أن “العراق يحتاج إلى حلول دبلوماسية وإرادة تنبثق من المصلحة الوطنية، وأن تكون هناك إرادة حكومية بحتة لإعادة تعريف طبيعة العلاقة ما بين الولايات المتحدة الأميركية والحكومة العراقية، وما بين العراق كدولة والدول الإقليمية”.
ويضيف، “وكذلك أن تنبثق الفصائل بمشروع وطني حقيقي لا يتبع أجندات خارجية، وإلا سوف تصب كل هذه السلوكيات في صالح الأجندات الخارجية والإقليمية، والمتضرر الأول والأخير هي الحكومة العراقية بشكل خاص والعراق بشكل عام”.
ويبين النجم، “حيث إن العراق ما زال في مراحل تطور العملية السياسية، ولا زالت الولايات المتحدة الأميركية هي الراعي الرسمي للعملية السياسية، وما زال العراق مكبلاً باتفاقية الإطار الاستراتيجي، حيث لا يزال طلب الحكومة العراقية في مجلس الأمن قائماً بمشاركة أميركا والتحالف الدولي لمحاربة داعش”.
وعن البُعد الاقتصادي، يؤكد أستاذ العلوم السياسية، أن “الولايات المتحدة الأميركية لا تزال مسيطرة على الدولار في العراق، وهي الحامية للعملة النقدية أو التدفق النقدي للعراق عن طريق الفيدرالي الأميركي”.
ويوضح، أن “كل هذه الملفات تستدعي من الحكومة العراقية العمل على تصفير المشاكل والإنطلاق من فضاء وطني جامع والنظر بمصلحة وطنية”.
ويلفت إلى أن “العراق عانى ما يكفي ولن يدفع ثمن مغامرات أطراف أخرى، في وقت يبدو أن المنطقة ترفض مغادرة سمة التوترات والحرب، وما يترتب عليها من خراب ودمار وهلاك للبشرية”.
ويكمل، أن “العراق داعم للقضية الفلسطينية، لكن هذا الدعم يجب أن لا يكون على حساب المصلحة الوطنية باعتبار أن هناك أولويات بالتعاطي مع الأزمات، فهناك مصالح ثانوية وأساسية وعليا”.
ويؤكد، أن “حفظ أمن العراق وسيادته تعتبر مصلحة عليا للبلاد، وعلى الجماعات أن تنطلق من هذا المنظار لكي تستطيع تحديد طبيعة التعاطي وطبيعة العلاقة بينها وبين كل الدول أو الفاعلين الدوليين في المنطقة”.
موقف الدول العربية
بدوره يقول الباحث في الشأن السياسي، عبد القادر النايل، إن “الدول العربية تقسم بين الشعوب والأنظمة الحاكمة، وأن جميع الشعوب العربية صاحبة موقف إيجابي من العراق وشعبه، أما الأنظمة الحاكمة فمنهم من ترك العراق يحترق وهو يتفرج على ذلك”.